سكاي نيوز عربية - 12/22/2025 1:35:13 PM - GMT (+3 )
ففي وقت تتحدث فيه السلطات الرسمية عن تقدم ملموس في مسار حصر السلاح عبر الحوار السياسي والمؤسسي، تبرز مواقف متباينة داخل المشهد الفصائلي، تتراوح بين القبول المشروط والرفض المرتبط باعتبارات السيادة وإنهاء الوجود الأجنبي.
ويتقاطع هذا الجدل مع نفي حكومي لتقارير عن تهديدات خارجية وشيكة، ومع ضغوط إقليمية ودولية متصاعدة، في ظل استعدادات سياسية لتشكيل حكومة جديدة.
السلاح خارج الدولة.. خيار سياسي لا أمني
يوضح مستشار رئيس الوزراء العراقي حسين علاوي، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية"، أن قضية السلاح خارج إطار الدولة ليست طارئة، بل هي جزء أصيل من المنهاج الحكومي، وقد عالجتها الحكومة عبر حوار سياسي منظم مع قوى الإطار التنسيقي وائتلاف إدارة الدولة.
هذا المسار، بحسب وصفه، أفضى إلى تقدم فعّال، ترجم بقبول قوى سياسية تمتلك أجنحة مسلحة بالعمل السياسي والمشاركة في الانتخابات، وهو ما اعتبره تطوراً يُحسب للحكومة وللقوى السياسية معا.
دور القضاء والسلطات الثلاث
يشدد علاوي على الدور المحوري للسلطة القضائية، ولا سيما رئيس مجلس القضاء الأعلى، في دعم هذا المسار، بالتكامل مع الرئاسات الثلاث.
ويرى أن هذا التناغم المؤسسي يشكل ركيزة أساسية للحفاظ على استقرار البلاد، ويعكس انتقال الملف من منطق القوة إلى منطق الدولة والمؤسسات.
غزة وانعكاساتها.. تسريع الحوار
يربط علاوي بين تصاعد أزمة غزة منذ عام 2023 وانعكاساتها على الساحة العراقية، ولا سيما القواعد التي تستضيف بعثة التحالف الدولي، وبين تسريع الحوار السياسي مع الفصائل المسلحة. هذا الحوار، كما يوضح، أفضى إلى الاتفاق على إنهاء مهام التحالف الدولي ونقل العلاقات إلى إطار ثنائي، ضمن مراحل زمنية محددة، وصولا أيضا إلى إنهاء مهام بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في أيلول 2026.
في ما يتصل بالعلاقات العراقية – الأميركية، يؤكد علاوي أن بغداد تركز على العلاقات الرسمية، وأن واشنطن تدرك خصوصية الحالة العراقية سياسيا وأمنيا واقتصاديا.
ورغم وجود رؤى داخل الكونغرس، فإن أولويات الدولة العراقية، كما يصفها، تتمحور حول الاستقرار والتنمية والإعمار، وهي أولويات تتقاطع حولها السلطات الثلاث والقيادة السياسية.
التحول من السلاح إلى السياسة
يلفت علاوي إلى أن العمل السياسي لا يخضع لجداول زمنية صارمة، إلا أن نتائجه باتت ملموسة، سواء عبر الخطاب السياسي أو من خلال الانتخابات، حيث شهد العراق اندماج قوى كانت مرتبطة بالسلاح في العملية السياسية، وتحولها إلى قوى برلمانية، في سياق يراه طبيعيا في تجارب الانتقال نحو الاستقرار.
وفي قراءة لخطاب بعض الفصائل، يميز علاوي بين الرفض المطلق لنزع السلاح والرفض المشروط، معتبرا أن الانتقال إلى الرفض المشروط يمثل تحولا مهما في الخطاب، ويعكس قابلية أكبر للحوار.
ويرى أن المعادلة العراقية اليوم باتت تستند إلى استحقاقات المجتمع، ولا سيما جيل الشباب الذي يشكل غالبية السكان، وتطلعاته إلى الاستقرار وفرص العمل والتنمية.
ويشير علاوي إلى أن التجربة العراقية تعتمد الحوار السياسي بوصفه الطريق الأسلم للحفاظ على الاستقرار، مؤكدا أن النتائج المتحققة حتى الآن ملموسة سياسيا ومجتمعيا، وأن الحكومة ماضية في هذا المسار، باعتباره خيارا وطنيا يعكس طموح الدولة والمجتمع بعد عقود من الصراعات والحروب.
مؤشرات الاستجابة وتراجع الذرائع
يرى عضو المرصد الوطني للإعلام وائل الركابي قراءة تحليلية لافتة لمواقف الفصائل المسلحة، خلال حديثه أن صدور بيانين فقط عن فصيلين من بين عدد كبير من الفصائل المسلحة يحمل دلالة واضحة على وجود رغبة حقيقية ومتنامية لدى أغلب هذه القوى بالاستجابة لمطلب حصر السلاح.
ويعزو ذلك إلى انتفاء الذريعة الأساسية التي تأسس عليها حمل السلاح، والمتمثلة بوجود قوات أجنبية، مع الإشارة إلى أن بعض الفصائل ما زالت تربط تسليم سلاحها بانسحاب كامل لجميع القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، بما فيها القوات الأميركية وقوات التحالف.
الحوار الداخلي ودور "تنسيقية المقاومة"
ويؤكد الركابي أن الخلافات داخل الفصائل لا تُدار بمعزل عن الأطر التنظيمية الجامعة، مشيرا إلى وجود ما يعرف بـ"تنسيقية المقاومة"، التي تضم قادة الفصائل كافة.
ووفق هذا الإطار، فإن صدور بيانات مؤيدة لحصر السلاح قد يفتح الباب أمام حوار داخلي مؤثر، يسمح للطرف المؤيد بتغليب كفة الدولة، بما يفضي إلى نتائج تستجيب لإرادتها، لا سيما في ظل دعوة المرجعية الدينية منذ شهر محرم الماضي إلى حصر السلاح بيد الدولة.
استقلال القرار ونفي الإملاءات الخارجية
وعند التطرق إلى الاتهامات المرتبطة بالولاء الخارجي، يلفت الركابي إلى أن عدم تدخل هذه الفصائل عسكريا خلال العدوان الذي تعرضت له إيران في ما عرف بحرب الأيام الاثني عشر، يمثل دليلا على أن قرارها لم يكن خاضعا لأوامر خارجية.
كما ينفي بشكل قاطع أن يكون قرار تسليم السلاح نتيجة ضغط أميركي أو مناورة إيرانية، مؤكدا أنه نابع من إرادة عراقية خالصة.
التمثيل السياسي ومعادلة الدولة
ويستند الركابي في تحليله إلى المعطى السياسي، مذكّرا بأن الفصائل تمتلك تمثيلا برلمانيا واسعا يتجاوز 90 نائبا، ما يجعل الجمع بين السلاح والعمل التشريعي معادلة غير منسجمة مع منطق الدولة.
ومن هذا المنطلق، يرى أن المرحلة المقبلة لا تحتاج إلى السلاح بقدر ما تحتاج إلى الاستقرار.
الأمن مدخل الاستقرار والتنمية
ويخلص الركابي إلى أن تسليم السلاح يمهّد الطريق أمام حكومة قادمة بيدٍ "مطلوقة"، قادرة على مكافحة الفساد، وإقرار تشريعات صارمة، والانخراط في مشاريع تنموية كبرى، وفي مقدمتها "طريق التنمية".
فغياب الاستفزازات الأمنية، برأيه، هو الشرط الأساس لتحويل العراق من ساحة توتر إلى دولة ذات علاقات تنموية متوازنة وسيادة مستقرة.
إقرأ المزيد


