سكاي نيوز عربية - 12/22/2025 8:10:18 AM - GMT (+3 )
تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي بشأن استمرار الضربات على جبهات قريبة وبعيدة، واتهام إيران بمحاولة تطويق إسرائيل وتدميرها، فتحت الباب أمام قراءات متباينة لطبيعة المرحلة المقبلة.
في المقابل، لم تتأخر الردود الإيرانية التي شددت على خيار المقاومة والقدرة على الصمود، ما يعكس مشهداً إقليمياً شديد التعقيد، تتقاطع فيه حسابات الردع، وحدود القوة، والموقف الأميركي الغامض.
في هذا السياق، تبرز قراءتان تحليليتان متقابلتان لكل من الخبير العسكري والاستراتيجي خليل الحلو، ورئيس تحرير صحيفة "الوفاق" الإيرانية مختار حداد، خلال حديثهما إلى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية".
رسالة واضحة لا مجرد ضغط
يرى الحلو أن الخطاب الإسرائيلي الأخير لا يندرج في إطار الضغط الإعلامي فحسب، بل يحمل رسالة مباشرة، تعزّزها أحاديث متداولة في الصحافة الإسرائيلية عن زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، حاملاً معه خطة لضرب إيران مجدداً.
ويشير إلى أن مصدر القلق الإسرائيلي يتمثل في برنامجين أساسيين: النووي والصاروخي.
ففي حين يعتبر أن البرنامج النووي الإيراني بات، مرحلياً، بعيد المنال، نظراً لعدم قدرة طهران على استخراج المواد المخصّبة من تحت الركام، رغم امتلاكها التقنيات اللازمة لإعادة بنائه على مدى زمني طويل، يؤكد أن البرنامج الصاروخي هو الخطر الأكثر إلحاحاً، إذ ما تزال إيران تمتلك نحو 1500 صاروخ باليستي، مع قدرة إنتاجية تقدّر بنحو 3000 صاروخ سنوياً، وفق التقديرات الإسرائيلية.
السلام المشروط والعائق الإيراني
يضع الحلو تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن السلام في إطار نظري يتطلب أطرافاً راغبة، معتبراً أن إيران تشكّل الطرف الأبرز المعرقل لهذا المسار.
ويستند في ذلك إلى غياب أي مؤشرات على تواصل أميركي إيراني، وإلى الدور الإيراني في تشجيع حماس على عدم المضي في المرحلة الثانية من خطة غزة، وحزب الله على عدم تسليم سلاحه وعدم تطبيق القرار 1701.
ويذكّر بأن استراتيجية الأمن القومي الأميركية الصادرة في 5 نوفمبر حمّلت إيران صراحة مسؤولية عرقلة السلام في الشرق الأوسط، بالتوازي مع توجّه واشنطن إلى تقليص انخراطها العسكري المباشر وترك إدارة التوازنات لحلفائها الإقليميين.
بين التهويل والوقائع الميدانية
ينتقد الحلو خلال مداخلته ما يصفه بالمبالغة في حديث رئيس الأركان الإسرائيلي عن حصار أو تطويق إسرائيل، مؤكداً أن الوقائع لا تدعم هذا الطرح، في ظل حرية الحركة العسكرية الإسرائيلية واستمرار الضربات.
ويرى أن هذا الخطاب يهدف إلى تبرير خطوات عسكرية محتملة أكثر مما يعكس واقعاً خانقاً.
كما يشير إلى تصاعد الاتهامات بتهريب السلاح من إيران إلى حزب الله والعراق عبر شبكات متعددة، معتبراً أن صدور مواقف من شخصيات أميركية بارزة، مثل السيناتور ليندسي غراهام، يعكس حالة توتر حقيقية لا ينبغي الاستخفاف بها.
احتمالات التصعيد وحدود المنع
ويشير الحلو إلى أن إسرائيل لا تواجه، في تقديره، عوائق اقتصادية أو داخلية حاسمة تمنعها من التصعيد، في ظل تراجع قدرات خصومها، من حماس إلى حزب الله، وفشل إيران في إنقاذهم.
ويرى أن الطرف الوحيد القادر على منع ضربة إسرائيلية جديدة ضد إيران هو الولايات المتحدة، لكن في ظل الاتهامات الأميركية المتزايدة لطهران، تصبح احتمالات الاستهداف، سواء لإيران أو لحزب الله، قائمة بقوة في المدى القريب.
الدور الأميركي
يرى حداد أن الحديث عن تدخل أميركي واسع إلى جانب إسرائيل يبقى محل تشكيك، مستنداً إلى سوابق سابقة.
فبرغم استهداف منشآت نووية إيرانية، لم يصل التدخل الأميركي، بحسب توصيفه، إلى مستوى الحرب الشاملة، بل اقتصر على دعم لوجستي وأمني وتعزيز منظومات الدفاع.
ويضيف أن ترامب، الذي يروّج لنفسه بوصفه "رئيس السلام"، سيكون أمام تناقض جوهري إذا أقدم على إشعال حرب جديدة، ما يقوّض خطابه السياسي ومساعي ترشيحه لجائزة نوبل للسلام.
رهان إيران: القدرات الذاتية لا التحالفات
يشدد حداد على أن إيران لا تعوّل على الموقف الأميركي المتقلب، ولا حتى على دعم الحلفاء الدوليين.
ويستحضر تجربة المواجهة المباشرة مع إسرائيل خلال "حرب الاثني عشر يوماً"، حيث دخلت طهران الصراع دون طلب دعم عسكري من الصين أو روسيا أو حتى من قوى المقاومة.
ووفق هذا المنطق، تواصل إيران تعزيز قدراتها العسكرية، لا سيما الدفاعات الجوية والقوة الجوية، مع تركيز خاص على القوة الصاروخية بوصفها عماد الردع الاستراتيجي.
القيادات والردع: الاستمرارية لا الفراغ
فيما يتعلق باستهداف القيادات، يؤكد حداد أن أي خسائر قيادية سرعان ما جرى تعويضها، سواء في إيران أو لدى حلفائها، مشيراً إلى أن حزب الله، رغم الضربات، حافظ على قدرته الرادعة، مع تجنّب توسيع رقعة الحرب حفاظاً على استقرار لبنان واليمن.
أما إيران، فبادرت سريعاً إلى تعيين قيادات بديلة، وردّت باستخدام صواريخ جديدة، ما أفضى، بحسب روايته، إلى طلب إسرائيلي لوقف إطلاق النار دون شروط.
سيناريو الحرب المقبلة
يخلص حداد إلى أن إسرائيل لم تحقق جميع أهدافها، مقابل قدرة إيران على ضرب نطاق واسع من الأهداف داخل فلسطين المحتلة.
ويعتبر أن أي حرب قادمة تبقى محتملة، لكنها، في تقديره، لن تكون طويلة الأمد، رغم جدية التهديدات الإسرائيلية بعد حرب الأيام الاثني عشر.
وفي المحصلة، تبدو طهران، وفق هذا التقييم، مستعدة للمواجهة، معتمدة على توازن ردع ترى أنه فُرض على معادلة الصراع.
إقرأ المزيد


