تجارة المخدرات تُغذّي اضطرابات غينيا بيساو
جريدة الرياض -

فتح الفساد وعدم الاستقرار والفقر الباب أمام انتعاش تجارة المخدرات في غينيا بيساو، حيث برر الجيش الانقلاب الذي نفذه هذا الأسبوع بتدبير "تجار مخدرات" مؤامرة تستهدف الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

ويلقي انقلاب الأربعاء الضوء على الروابط الغامضة بين المهربين والسياسيين والمسؤولين، ومساهمتها في تعميق الاضطرابات السياسية في الدولة التي شهدت سابقاً انقلابات عسكرية عدة. ومن العلامات الظاهرة سيارات الدفع الرباعي الفاخرة التي تجوب الشوارع والفيلات الفخمة التي اشتراها فجأة أشخاص ليس لديهم مصادر دخل واضحة، فيما وصفت الأمم المتحدة البلد بأنه بوابة عبور للمخدرات من أميركا اللاتينية إلى أوروبا. وقالت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (جي آي-تي أو سي) في تقريرها الصادر في أغسطس "لقد كانت غينيا بيساو منذ فترة طويلة عنصراً محورياً في نظام الاتجار الدولي بالكوكايين". وأضافت أن "سوق الكوكايين في بيساو تزدهر مجددا اليوم، ويمكن القول إنها أصبحت أكثر ربحية من أي وقت مضى في تاريخ البلاد". وتابعت "يمكن رؤية كولومبيين في أفخم الفنادق في العاصمة، كما أن أسعار الكوكايين والكراك آخذة في الانخفاض".

وانطبع تاريخ البلاد بالانقلابات العسكرية والعنف منذ استقلالها عن البرتغال عام 1974. وقد أدت تجارة المخدرات إلى تأجيج عدم الاستقرار، ما دفع بعض المحللين إلى وصف غينيا بيساو بأنها "دولة مخدرات"، حتى أن الولايات المتحدة وصفت بعض مسؤوليها بأنهم بارونات مخدرات. وقال الجنرال دينيس نكاناها، قائد الانقلاب، للصحافيين الأربعاء إن الضباط أقدموا على عزل الرئيس لحماية الأمن بعد اكتشاف مؤامرة تورط فيها "تجار مخدرات محليون". وأضاف مشيراً إلى تقارير استخباراتية، أن الخطة الرامية إلى زعزعة استقرار غينيا بيساو تضمنت "إدخال أسلحة إلى البلاد لتغيير النظام الدستوري". وبحسب البنك الدولي، فإن أكثر من ربع سكان البلاد كانوا يعيشون تحت خط الفقر عام 2023، فيما تفاقم المبالغ الطائلة الناتجة من تجارة المخدرات الفساد. ووقع الانقلاب فيما كانت البلاد تنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي أجريت في 23 نوفمبر. وترى المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية أن "اقتصاد الكوكايين مرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسات الماكيافيلية التي تنتهجها هذه الدولة الصغيرة الواقعة في غرب إفريقيا". وفي أعقاب أعمال عنف مرتبطة بالمخدرات اندلعت قبل أشهر من الانتخابات، حذّرت المبادرة من أنه "مع ازدهار سوق الكوكايين والحملات الانتخابية المكلفة التي تلوح في الأفق.. يبدو أن غينيا بيساو تدخل مجددا فترة من الاضطرابات الكبيرة".

وقال مصدر مطلع لوكالة فرانس برس طالباً عدم كشف هويته، إن تجار المخدرات الأجانب يقيمون علاقات مع شركاء محليين لديهم اتصالات داخل قوات الأمن لضمان مرور آمن لشحنات المخدرات. وأضاف المصدر أن "كشافة" الشبكة يُنبهون الشركاء في العاصمة بوصول سفن أو طائرات من أميركا اللاتينية، ثم تتم مرافقة "المنتج" إلى بيساو. وتم الكشف مرارا في السنوات الأخيرة عن تورط عسكريين وموظفين كبار في تجارة المخدرات.

واشتُبه في أن بعض الحملات السياسية مولها تجار مخدرات، إذ اشترت أحزاب فجأة سيارات دفع رباعي فاخرة للتنقل بها في أنحاء البلاد. كما أن تعزيز التعاون على صعيد الشرطة بين غينيا بيساو والبرازيل وكولومبيا وفنزويلا والولايات المتحدة ساعد في توجيه بعض الضربات لتجار المخدرات.

هذا ووصل رئيس غينيا بيساو المخلوع عمر سيسوكو إمبالو السبت إلى برازافيل، عاصمة جمهورية الكونغو، بعد أيام على إطاحته واستيلاء الجيش على السلطة، وفق ما أفادت مصادر حكومية كونغولية. في الأثناء، تحدّث أكبر أحزاب المعارضة عن "اقتحام ميليشيا مدجّجة بالسلاح" مقرّه في العاصمة بيساو، على إثر الانقلاب الذي أعقب الانتخابات وأوصل الجيش إلى السلطة. واستولى الجيش على السلطة في الدولة الناطقة بالبرتغالية الأربعاء، عشية إعلان النتائج الأولية للانتخابات الوطنية، وقد غادر إمبالو في بادئ الأمر إلى السنغال المجاورة. ولم تتّضح بعد الدوافع الحقيقية للانقلاب في غينيا بيساو، وسط تكهّنات ونظريات مؤامرة، لا سيما تلك التي تفيد بأن الانقلاب تم بمباركة إمبالو. وقال مصدر مقرّب من الحكومة الكونغولية مشترطا عدم كشف هويته إن "إمبالو وصل إلى برازافيل قرابة الظهر في طائرة خاصة". وقال مصدر في الرئاسة إن إمبالو الذي كان أعلن فوزه في الانتخابات، يعتزم البقاء في البلد المعروف أيضا باسم الكونغو برازافيل.



إقرأ المزيد