إسرائيل تتشبث بجبل الشيخ.. ودمشق أمام تحديات سيادية معقدة
سكاي نيوز عربية -

وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد به المفاوضات بين دمشق وتل أبيب جمودا كبيرا، وسط مطالب سورية صريحة بالانسحاب الإسرائيلي الكامل إلى خطوط ما قبل 8 ديسمبر، في محاولة لإحياء اتفاقية فصل القوات لعام 1974، بينما تشترط إسرائيل توقيع اتفاق سلام شامل قبل أي انسحاب، رافضة الاكتفاء باتفاق أمني محدود.

هذا الملف يعكس صراع إرادات حاد بين أمن إسرائيل وسيادة سوريا، حيث يختزل جبل الشيخ خلافا أعمق حول الحقوق والسيادة الوطنية والأمن الإقليمي.

صراع المفاهيم

يرى محلل الشؤون السورية في "سكاي نيوز عربية" علي جمالو، خلال حديثه إلى برنامج "غرفة الأخبار"، أن المشهد الإقليمي الحالي يعكس صراعا جوهريا بين مفهومين متعارضين: الأول تقوده دمشق ويركز على السلام والتنمية، بينما يروج الثاني وفق تقديره لإسرائيل، ويستند إلى توسع نفوذها العسكري وأمنها الوطني ومزاعمها حول الضمانات الأمنية.

ويأتي في قلب هذا الصراع ملف جبل الشيخ، الذي يمثل إحدى النقاط الحساسة التي تعكس التوترات بين الطرفين.

ويشير جمالو إلى أن إسرائيل، بحكم تفوقها العسكري الحالي، هي من تفرض واقعها، لكن هذا الوضع مؤقت، فـ"قد تتغير موازين القوة في المستقبل"، وفق رأيه.

ومن هنا، يؤكد أن أي محاولات للضغط على دمشق للتنازل عن حقوقها تعتبر منطقية على المدى القصير فقط، لكنها غير قابلة للاستمرار على المدى البعيد.

قراءة داخلية أكثر منها استراتيجية

بحسب جمالو، فإن تصريحات كاتس حول بقاء الجيش في جبل الشيخ "تفسر بالأساس كخطاب داخلي يسعى لتعزيز الدعم السياسي للتيار اليميني في إسرائيل، أكثر من كونها إعلانا سياسيا أو قانونيا على مستوى الشرعية الدولية".

جمالو يؤكد أن دمشق متمسكة بقرارات الشرعية الدولية، وتسعى إلى السلام والتنمية من دون التفريط بشبر واحد من أراضيها، ويشير إلى أن الشعب السوري الذي قدم تضحيات هائلة خلال الحرب، لن يقبل بممارسات إسرائيلية تؤدي إلى إذلاله أو التفريط بحقوقه الوطنية.

ويضيف أن الرئيس السوري أحمد الشرع يتمتع بشعبية استثنائية، وأن "أي تنازل عن الأراضي الوطنية سيشكل أزمة سياسية داخلية قد تؤدي إلى سقوط الإدارة"، مشيرا إلى أن "المزاج السوري العام يرفض كل أشكال الاستفزاز أو المساومة على وحدة الأراضي السورية".

كما يشدد جمالو على أن سوريا ستواصل استخدام أوراقها الدولية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، لتثبيت حقوقها وممارسة الضغوط على إسرائيل.

ويعتبر أن أي مواجهة عسكرية محتملة ستعكس استجابة طبيعية لسلوك إسرائيل، وهو أمر يجب أخذه في الاعتبار عند قراءة التطورات على الأرض.

ضمان استقرار سوريا

فيما يتعلق بالوضع الداخلي، يشير جمالو إلى أن "هناك خللا في الأداء الحكومي، واستثمارا من بعض الأطراف الداخلية لهذا الخلل"، لكنه يؤكد أن الوحدة الوطنية والمصلحة العليا للبلاد تمنع أي طرف من العبث باستقرار الدولة.

ويستشهد بتظاهرات الساحل السوري، حيث تعاملت السلطات الأمنية مع المحتجين بشكل منظم لتفادي استغلال المشهد سياسيا، مؤكدا أن أي محاولة للعبث في وحدة البلاد ستؤدي إلى تداعيات سياسية كبيرة.

ويقترح جمالو أن الخطوة السورية للتعامل مع الأزمة الإسرائيلية تتألف من 3 مراحل:

  • أولا: العودة إلى خطوط وقف إطلاق النار السابقة (7 ديسمبر)، أي إعادة الوضع إلى حالة ما قبل الانهيارات الأمنية والعدوان الإسرائيلي.
  • ثانيا: تهيئة المناخ الداخلي والدولي لاستئناف المفاوضات، مع الأخذ بالاعتبار الضمانات الأمنية لكل الطرفين.
  • ثالثا: استئناف المفاوضات لتحقيق اتفاق سلام تحت رعاية ودفع أمريكي، مستفيدين من التجارب السابقة في مؤتمرات مدريد وجنيف والوساطة التركية في 2007.

ويشير جمالو إلى أن هذه المقاربة تستهدف تحقيق توازن بين الضغوط الدولية والمصالح الوطنية، مع الحفاظ على حقوق سوريا وعدم التفريط بشبر واحد من أراضيها، بما يعكس استراتيجية مرنة وواقعية لمواجهة التحديات الإسرائيلية.



إقرأ المزيد