الاحتلال يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
جريدة الرياض -

شهدت مناطق متفرقة من قطاع غزة، الليلة الماضية وفجر أمس، تصعيداً عسكرياً متواصلاً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، تركز في المناطق الشرقية لمدينة خان يونس وشرق مدينة غزة ووسط القطاع، في خرق متواصل من قبل الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار.

وقال مستشفى العودة - النصيرات، إنه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية جثمان شهيد انتشله الأهالي من مدينة الزهراء، إضافة إلى إصابة واحدة جرّاء إطلاق قوات الاحتلال "الإسرائيلي" النار شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.

وأفادت مصادر محلية بأن دبابات الاحتلال أطلقت قذائف مدفعية ونيران أسلحتها الرشاشة باتجاه المناطق الشرقية من خان يونس، تزامناً مع قصف من الزوارق الحربية التي استهدفت سواحل المدينة الجنوبية.

وفي مدينة غزة، نفذ جيش الاحتلال خلال ساعات الليل عمليات نسف لعدد من المباني السكنية شرق المدينة، في تكرار لعمليات الهدم التي ينفذها بشكل متصاعد في المناطق الحدودية.

وتوغلت قوات الاحتلال فجر أمس في منطقة أبو العجين شرق دير البلح وسط القطاع، وقامت بتفجير منزل ووضع مكعبات صفراء في المكان، بالتزامن مع قصف مدفعي وإطلاق نار مكثف تجاه المناطق المحيطة.

وفي الساعات الأولى من صباح أمس شنت طائرات الاحتلال سلسلة من الغارات الجوية شرق مدينة خان يونس، ما أدى إلى تدمير عدد من المنازل والمنشآت.

وتتذرع دولة الاحتلال بعدم تسليم "حماس" جميع الجثث لديها، علمًا أن طواقم الصليب الأحمر سلّمت، أمس، بقايا جثث 3 أسرى لإسرائيل بعد الإفراج عنها من قبل "حماس"، مع الإشارة إلى أن إذاعة الجيش الإسرائيلي، نقلت أن الرفات التي استلمها الجيش من الصليب الأحمر أمس "لا تعود لأي محتجز إسرائيلي"، على حد قول المصدر.

وأضافت الإذاعة أن الجهات الإسرائيلية "لا تعتبر عملية تسليم الجثامين خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، "نظرًا لمعرفتها المسبقة بإمكانية ألا تعود الجثث لأسرى إسرائيليين".

فرض الحصار المشدد على القطاع

خروقات إسرائيلية

تواصل قوات الاحتلال تنفيذ الاعتداءات في مناطق مختلفة من قطاع غزة، مع دخول اليوم الـ22 من بدء اتفاق وقف إطلاق النار، مسفرة عن المزيد من الشهداء والمصابين.

منذ فجر أمس، تفيد تقارير محلية من القطاع، بوقوع سلسلة غارات جوية، وقصف بالمدفعية لقوات الاحتلال، بالتزامن مع استمرارها بعمليات نسف منازل شرقي مدينة خان يونس، وشرقي مدينة غزة.

وعلى الصعيد الإغاثي، على الرغم من اتفاق وقف النار والتزام "حماس" بتسليم جثث الأسرى الإسرائيليين، حيث تؤكد تقارير أممية أن عدد الشاحنات الذي يدخل غزة لا يقارن بذلك الذي أقرّ في الاتفاق ضمن المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب.

سياسيًا، فيما يتصل بـ "تشكيل قوة دولية" توكل إليها مهمة تثبيت التهدئة ومراقبة وقف النار في غزة، تتواصل المباحثات، وبحسب تقارير، أجرى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، دان كين، جولة استطلاعية بمروحية إسرائيلية فوق أجواء قطاع غزة، ضمن زيارة رسمية يجريها إلى تل أبيب "لبحث التطورات الإقليمية".

126 هجومًا للمستوطنين

أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأن موسم قطف الزيتون لعام 2025 شهد حتى الآن أعلى مستوى من الضرر وعدد المجتمعات المتضررة بسبب هجمات المستوطنين منذ عام 2020. 

وأضافت "أوتشا"، أنها وثقت 126 هجومًا من المستوطنين على الفلسطينيين خلال موسم قطف الزيتون بين 1 و27 أكتوبر الماضي، أدت إلى إصابات أو أضرار في الممتلكات أو كليهما.

وأشارت إلى أن الحوادث شملت اعتداءات على المزارعين داخل أو في طريقهم إلى أراضي الزيتون، وسرقة المحاصيل والمعدات الزراعية، وتخريب أشجار الزيتون وغيرها من الأشجار.

لافتةً إلى أن ذلك يُقارن بـ110 هجمات في الفترة نفسها من عام 2024، و30 إلى 46 هجومًا فقط بين عامي 2020 و2023.  

وتابعت أوتشا: لقد توسعت رقعة الهجمات لتشمل 70 بلدة وقرية هذا العام، أي ما يقرب من ضعف عدد المجتمعات المتضررة في 2023، وأكثر من ثلاثة أضعاف تلك التي تضررت في 2020. وبلغت الأضرار أعلى مستوى منذ ست سنوات، إذ تم تخريب أكثر من 4,000 شجرة وشتلة زيتون، أي أكثر من ضعف ما سُجل في الفترة نفسها من عام 2024. وأوضحت في تقريرها أن إنشاء بؤر استيطانية جديدة أدّى إلى مزيد من تقويض قدرة المزارعين الفلسطينيين على الوصول إلى أراضيهم، بما في ذلك مناطق كانت سابقًا متاحة دون الحاجة لأي تنسيق، حتى في المنطقتين (أ) و(ب).

ووفقًا لتقرير صدر في ديسمبر 2024 عن منظمتي "السلام الآن" و"كرم نافوت" الإسرائيليتين، فإن المستوطنين الذين يعيشون في بؤر استيطانية رعوية يسيطرون فعليًا على نحو 786 ألف دونم من الأراضي، أي ما يقارب 14 % من مساحة الضفة الغربية الكلية.  

وأشارت، "على مدار الأسبوع الماضي، تم تسجيل 60 هجومًا للمستوطنين الإسرائيليين في مختلف أنحاء الضفة الغربية، أكثر من نصفها فيما يتعلق بموسم قطف الزيتون، مما أسفر عن إصابة 17 فلسطينيًا وإلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات".

وأضافت أن 48 % من اعتداءات المستوطنين في موسم قطف الزيتون هذا الشهر، وقعت في وسط الضفة الغربية، 40 % منها في محافظة رام الله وحدها.

ووقعت 38 % أخرى في شمال الضفة الغربية، لا سيما في محافظة نابلس بنسبة (17 %)، في حين سُجّل نحو 14 % من الحوادث في محافظتي بيت لحم والخليل جنوبًا.

وأوضحت أنه ورغم بدء العمل رسميًا هذا العام بآلية تنظمها السلطات الإسرائيلية تتيح للفلسطينيين الوصول إلى أراضيهم الزراعية الواقعة داخل المستوطنات أو بالقرب منها أو تلك المعزولة خلف الجدار، فإن الوصول لا يزال شديد التقييد ويُنفذ بشكل غير متسق. 

تنكيل ممنهج بحق الأسرى الفلسطينيين

تصاعد إرهاب المستوطنين

تشهد الضفة الغربية المحتلة تصاعدًا ملحوظًا في أعمال العنف، تنفذها منظمات الإرهاب اليهودي، التي تتخذ من المستوطنات والبؤر الاستيطانية والمزارع الرعوية ملاذات آمنة ومراكز انطلاق لاعتداءاتها ضد الأهالي الفلسطينيين وممتلكاتهم، في ظل حماية كاملة من جيش الاحتلال وتواطؤ واضح من الشرطة الإسرائيلية، وتحديدًا شرطة "شاي" العاملة في الضفة الغربية، التي تتعمد تجاهل مئات الشكاوى المقدمة من هؤلاء المواطنين، وتغلق ملفات الجرائم دون فتح تحقيقات جدية.

هذا ما جاء في توطئة "تقرير الاستيطان الأسبوعي" عن الفترة الممتدة من 2025.10.26 حتى 2025.10.31، الصادر عن "المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان".

وفي هذا الصدد، يوضّح التقرير، أظهرت معطيات رسمية حديثة كشفتها الشرطة الإسرائيلية استجابة لطلب من حركة "من أجل حرية المعلومات" حجم التراجع الواضح في تعامل الشرطة مع جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة؛ فقد بينت البيانات أن الفلسطينيين قدموا 427 شكوى في النصف الأول من عام 2025 تتعلق باعتداءات المستوطنين، تشمل اعتداءات جسدية، وإحراق ممتلكات، وتخريب أراضٍ زراعية، مقارنة بنحو 680 شكوى سُجلت خلال عام 2024 بأكمله. ورغم هذا الارتفاع في عدد الشكاوى، لم تفتح الشرطة الإسرائيلية سوى 156 تحقيقًا جنائيًا فقط، أي ما نسبته 37 % من إجمالي الشكاوى المقدمة، بينما كانت قد فتحت 308 تحقيقات عام 2024، بنسبة بلغت 45 % من مجمل القضايا المرفوعة من قبل الفلسطينيين بعد اعتداءات المستوطنين الإرهابية.

يُشار هنا إلى أن الوحدة المركزية لشرطة الاحتلال في الضفة الغربية ("شاي" – يهودا والسامرة)، المسؤولة عن التحقيق في الجرائم ذات الطابع القومي والإرهاب اليهودي، تعمل منذ عام بلا قائد دائم، بعد أن أُقيل رئيسها السابق، أفشاي معلم، إثر الاشتباه بتعمده تجاهل معلومات تتعلق بنشاطات اليمين المتطرف لإرضاء بن غفير. 

ويُشتبه، وفقًا لتقارير صحفية إسرائيلية، في أن معلم تعمد تجاهل معلومات استخباراتية تتعلق بنشاط مستوطنين متطرفين، وامتنع عن تنفيذ اعتقالات بحقهم سعيًا لإرضاء الوزير بن غفير، على أمل الحصول على ترقية وظيفية. كما يواجه معلم شبهات بارتكاب مخالفات تتعلق بتلقي رشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وسوء استخدام السلطة. 

وخلال فترة توليه المنصب، كان معلم ينكر باستمرار تزايد جرائم إرهاب المستوطنين، مدعيًا انخفاضها، في حين كانت الدائرة اليهودية في جهاز الشاباك تؤكد أن هذه الجرائم تشهد تصاعدًا مستمرًا.

ويتولى حاليًا قيادة الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية ("شاي") موشيه بينتشي، وهو شخصية مقربة من بن غفير، سبق أن شغل منصب سكرتيره الأمني، ما يثير مزيدًا من الشكوك حول عمل الشرطة وتوجيهها لخدمة أجندة سياسية تُغض الطرف عن إرهاب المستوطنين.

وإذا ما عدنا قليلًا إلى الوراء، يقول التقرير، لإلقاء الضوء على دور شرطة الاحتلال وما يسمى أجهزة إنفاذ القانون في معالجة انتهاكات واعتداءات المواطنين الفلسطينيين، فإن الصورة تصبح أكثر اكتمالًا. 

فتقاعس هذه الشرطة وهذه الأجهزة عن الاضطلاع بدورها ليس بالظاهرة الحديثة، وهي لم تبدأ مع بن غفير وحكومة اليمين الفاشي المتطرف في دولة الاحتلال، بقدر ما هي سياسة ممتدة منذ سنوات. صحيح أن الوضع مع هذه الحكومة ومع سياسة بن غفير فاقما الوضع، غير أن المسألة أعقد من ذلك؛ حيث إن معظم ملفات الجريمة القومية ليهود ضد فلسطينيين في الضفة الغربية في العشرين سنة الأخيرة تم إغلاقها بدون لوائح اتهام. هذا ما يتبين من المعطيات التي جمعتها جمعية "يش دين" في الأعوام 2005–2024. هذه الجمعية تابعت 1701 ملف تحقيق في مخالفات قومية متطرفة ضد الفلسطينيين في ما يسمى "لواء يهودا والسامرة" في شرطة الاحتلال. نحو 94 % من الملفات التي تمت متابعتها تم إغلاقها بدون لوائح اتهام، وفقط 3 % من الملفات التي قُدمت فيها لوائح اتهام أدت إلى الإدانة الكاملة أو الجزئية. وفي الوقت نفسه، فإن التحقيقات التي أجرتها الجمعية أظهرت أنه في العقد الأخير حدث انخفاض في نسبة المتضررين الفلسطينيين المستعدين لتقديم شكاوى في الشرطة على عنف التطرف القومي، واستمر ذلك في السنتين الأخيرتين بعد تسلم إيتمار بن غفير منصب وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال. في 2024 شهد 66 % من المتضررين الذين شاركوا في البحث بأنهم غير معنيين بتقديم شكوى في الشرطة (101 حالة من بين 153)، مقابل 27 % من المتضررين الذين أجابوا "نعم" في 2021.

هذا التطور هو مؤشر على موقف الأهالي الفلسطينيين انطلاقًا من التجربة مع ملفات تحقيقات الشرطة في ما يُرفع لها من شكاوى أو في الاعتداءات التي تعلم الشرطة تفاصيل التفاصيل بشأنها.

من الملفات البارزة في السنوات الأخيرة التي لم تصل إلى مستوى توجيه تهمة: ملفات أعمال العنف المرعبة في حوارة في فبراير 2023، التي قُتل فيها سامح الأقطش في قرية زعترة المجاورة. أحد المتضررين من سكان حوارة، الذي تم إحراق محله في أعمال الشغب، قدم بمساعدة "يش دين" الإسرائيلية شكوى في يوم الأحداث، وفي سبتمبر 2023 تم إبلاغه بأنه تم إغلاق الملف. سلوك مشابه للشرطة كان في تموز 2024 عندما تمت مهاجمة فلسطينيين من قبل مستوطنين في خربة النحلة قرب مستوطنة إفرات. "نحن كنا في أرضنا، المستوطنون قاموا بمهاجمتنا"، قال أحد المواطنين، "لقد حطموا السور، أطلقوا النار على قدمي، وضربوني بعصا على رأسي، ورشوني بغاز الفلفل. كثيرون من عائلتي أصيبوا. وعمي احتاج إلى وضع البلاتين، وابن عمي كسروا قدمه".

وتم توثيق الاعتداء، ولم يحدث شيء. وكذلك كان الوضع في حالات اعتداء مروعة في قريتي دوما والمغير، لم يتم تقديم لوائح اتهام. وهكذا أيضًا في الأعمال الإرهابية الفظيعة في قرية جِت، التي تم فيها إحراق بيوت وإطلاق النار وقتل شاب فلسطيني. في بعض الحالات تم اعتقال بعض الأشخاص اعتقالًا إداريًا، غير أن ذلك توقف بقرارات من وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، وفي كل هذه الحالات لم يتم تقديم لائحة اتهام.

إلى ذلك، يتابع التقرير، وحسب "يش دين" فإن 64.4 % من الملفات التي تم فحصها في العشرين سنة الأخيرة تم إغلاقها لأن المشتبه فيهم لم يتم العثور عليهم. 19.5 % من الملفات تم إغلاقها بسبب نقص الأدلة، و11.2 % من الملفات تم إغلاقها نتيجة عدم وجود تهمة جنائية، والمتبقية لأسباب مختلفة. حالة تم فيها إغلاق الملف لأن المجرم غير موجود، هي حالة مهاجمة عائلة فلسطينية قرب المنية، التي قربها أُقيمت في هذه السنة بؤرة استيطانية باسم "مكنيه أبراهام".

الخطوة الجديدة التي قامت بها حركة "من أجل حرية المعلومات" جاءت لتعري حجم التراجع الواضح في تعامل الشرطة مع جرائم المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة. وتشير المعطيات، حسب تقرير نشرته مؤخرًا صحيفة "هآرتس"العبرية إلى اتساع فجوة التقاعس الأمني والقانوني الإسرائيلي في ملاحقة مرتكبي الجرائم القومية ضد الفلسطينيين، ما يعكس تواطؤًا مؤسساتيًا يسهل إفلات المستوطنين من العقاب، ويشجع على استمرار العنف في الضفة الغربية. 

مراسل الشؤون الشرطية في صحيفة "هآرتس"، جوشوا برينر، أفاد في أحد تقاريره التي نشرتها الصحيفة بأن المعطيات الأخيرة الصادرة عن الشرطة الإسرائيلية تكشف عن تراجع واضح في تعاملها مع جرائم المستوطنين الإرهابية ضد الفلسطينيين في الضفة. 

وأوضح برينر أن معظم ملفات التحقيق التي فُتحت خلال النصف الأول من عام 2025 تتعلق باعتداءات نفذها المستوطنون شملت إحراق ممتلكات فلسطينية، وتخريب أراضٍ زراعية، والاعتداء الجسدي على المدنيين، ورشقهم بالحجارة. ورغم حجم هذه الجرائم، لم تُشر الشرطة في بياناتها إطلاقًا إلى أي تحقيق في جرائم قتل فلسطينيين على أيدي مستوطنين.  وبحسب المعطيات، اعتقلت الشرطة 44 مستوطنًا فقط في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بـ71 مستوطنًا خلال عام 2024 بأكمله، وهو ما يعكس استمرار التراخي الأمني في التعامل مع إرهاب المستوطنين رغم تصاعده منذ مطلع العام الحالي بشكل غير مسبوق.

خطط استيطانية 

عنف وإرهاب المستوطنين يسير جنبًا إلى جنب مع مخططات استيطانية جديدة. فحكومة الاحتلال تدفع، تحت ضغط وزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة الأمن، بتسلئيل سموتريتش، وعدد من وزراء حزبه وحزب الليكود، بمشاريع استيطانية إضافية في الضفة الغربية المحتلة، وإلى تنفيذ أكبر عدد من المخططات التي قررها مجلس التخطيط في الإدارة المدنية قبل الانتخابات العامة المقبلة، والمصادقة على مشاريع استيطانية تُنفذ لاحقًا، بهدف فرض وقائع على الأرض في حال تغيير الحكومة الحالية.

ويروج سموتريتش بأنه من موقعه في الإدارة المدنية بادر إلى المصادقة على بناء نحو 48 ألف وحدة سكنية استيطانية، وأنه يتوقع أن يصل العدد بحلول نهاية العام الحالي إلى 50 ألف وحدة سكنية، حسبما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وحسب المعلومات التي أوردتها الصحيفة، فإنه تمت مصادرة قرابة 26 ألف دونم من أراضي الضفة من خلال الإعلان عنها "أراضي دولة" خلال ولاية حكومة نتنياهو الحالية، علمًا بأن الاحتلال صادر بهذه الطريقة 28 ألف دونم في السنوات الـ27 السابقة، وأن الهدف من وراء هذه المشاريع الاستيطانية المكثفة هو منع إمكانية قيام دولة فلسطينية. 

ونقلت الصحيفة عن رئيس طاقم متابعة الاستيطان في حركة "سلام الآن"، يوني مزراحي، قوله إنه "بالرغم من أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حظر على الحكومة الإسرائيلية فرض سيادة، لكن خلال ولاية الحكومة الحالية يُنفذ ضم فعلي يظهر ويُشعر به جيدًا على الأرض".

ويتوقع أن يدفع سموتريتش بمشاريع استيطانية قبل الانتخابات العامة التي ستجري في نوفمبر العام المقبل، بحسب موعدها الرسمي، أو قبل ذلك في حال تبكيرها. وذكرت الصحيفة أن أحد الأهداف المركزية هو توسيع مستوطنات في "مناطق استراتيجية" في الضفة، من أجل قطع تواصل جغرافي فلسطيني وإحباط إقامة دولة فلسطينية.

استهداف التراث بالتزوير

على صعيد آخر، وبحسب التقرير، تمضي الحكومة الإسرائيلية في سياسة تزوير التراث في هذه البلاد، حيث أقرت تمويلًا إضافيًا بقيمة 40 مليون شيكل (الدولار يساوي 3.26 شيكل) لتعزيز سيطرتها على مواقع أثرية في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في إطار سياسات تزوير التاريخ ونهب المواقع التاريخية تحت ذريعة "حماية التراث القومي".

وجاء قرار هذه الحكومة ضمن ما يسمى "خطة إنقاذ طويلة الأمد" بدأت عام 2023 بذريعة "مكافحة نهب الآثار وتسريع أعمال الترميم والتطوير وإتاحة ما تسميه مواقع التراث القومي للجمهور الإسرائيلي"، وهي خطة يشرف عليها وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، الذي دعا في الأيام الأولى للحرب الوحشية على قطاع غزة إلى إلقاء القنابل النووية على سكانه، وأعلن قبل أيام أن وزارته "لن تنتظر فرض السيادة رسميًا على الضفة الغربية"، في إشارة إلى توسيع السيطرة الإسرائيلية على المواقع الأثرية الواقعة في الضفة المحتلة. ويشمل القرار مواقع أثرية في جميع أنحاء الضفة الغربية، تزعم سلطات الاحتلال ارتباطها بالتاريخ اليهودي، وتسعى من خلال ذلك إلى الاستيلاء عليها وطمس هويتها ونهب محتوياتها. ويتوزع التمويل الجديد، الذي أقرّته الحكومة الإسرائيلية، على ميزانية عامي 2025 و2026، بميزانية تُجمع من وزارات عدة، بينها التعليم والثقافة والأمن والبيئة والمواصلات والاستيطان والقضاء، إضافة إلى مخصصات من اتفاقات الائتلاف الحكومي تحت بند "تطوير مواقع سياحية وتاريخية".

يشار هنا إلى أن القرار يأتي استكمالًا لخطة أُقرت عام 2023، خُصص لها 109 ملايين شيكل، منها 89 مليونًا لما تسميه سلطات الاحتلال "إنقاذ وترميم وتطوير مواقع تراثية وأثرية"، و20 مليونًا لتطوير موقع تاريخي في أريحا، وهو أحد المواقع الأثرية الفلسطينية التي تعمل إسرائيل على تحويلها إلى رمز توراتي.

المطالبة بتحرك دولي

طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية،أمس، المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق الأسرى الفلسطينيين داخل السجون.

جاء ذلك في بيان للوزارة في أعقاب تداول فيديو جديد يظهر فيه وزير الأمن الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، وهو يتجول بين أسرى فلسطينيين مكبلين بالأصفاد، قائلا: "بقي أمر واحد يجب تنفيذه، وهو إعدامهم".

وقالت الخارجية الفلسطينية إن إسرائيل ترتكب بقيادة حكومتها وبن غفير "جرائم حرب وسياسات قمعية وتنكيل ممنهج بحق الأسرى في سجونها".

واعتبرت ان "إسرائيل ومنظومتها الاستعمارية تستخدم الاعتقال التعسفي والتعذيب كأداة من أدوات الحرب".

وشددت الوزارة على أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الأسرى الفلسطينيين تعد "وفق القانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تستوجب المحاسبة والعقاب".

واعتبرت مواصلة الاحتلال الإسرائيلي منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة الأسرى داخل السجون إضافة لحرمانهم من الزيارات العائلية "انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف".

ومنذ بدئها الإبادة الجماعية في قطاع غزة في أكتوبر 2023، يشتكي أهالي الأسرى الفلسطينيين من منع الاحتلال لهم من زيارة ذويهم داخل السجون.

كما منعت سلطات سجون الاحتلال طواقم لجنة الصليب الأحمر من زيارة الأسرى الفلسطينيين، وفق ما أكدت اللجنة في بيانات عدة.

ويقبع بسجون إسرائيل أكثر من 10 آلاف فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا أودى بحياة العديد من المعتقلين، وفقا لمنظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية.

وأشارت الخارجية الفلسطينية في بيانها إلى أن إسرائيل ترتكب ممارسات إجرامية بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونها بما في ذلك "التعذيب، والحرمان، والإهمال الطبي المتعمد، والعقوبات الجماعية، وعمليات القتل البطيء".

ولفتت إلى أن تلك الممارسات تشكّل "امتدادا لحرب الإبادة الاسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده".

ودعت المجتمعَ الدولي ومؤسساته، إلى "التحرك العاجل للجم ووقف هذه السياسات والجرائم المرتكبة بحق الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك جرائم القتل العمد والإعدامات الميدانية، التي تُعدّ وفق القانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية تستوجب المحاسبة والعقاب".

وحمّلت الوزارة الحكومة الإسرائيلية، "المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة الأسرى"، مشددة على أن "صمت المجتمع الدولي يشجع إسرائيل على التمادي في جرائمها وانتهاكاتها الممنهجة بحقهم".

وتزايدت الاعتداءات بحق المعتقلين الفلسطينيين، بموازاة الإبادة بغزة، والتي استمرت لعامين، قبل أن تنتهي باتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.

تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين بالضفة 
حالة الأسر في غزة


إقرأ المزيد