سكاي نيوز عربية - 9/18/2025 10:35:43 AM - GMT (+3 )

هذه التصريحات تعكس تباينا حادا بين الواقع العسكري والسياسي من جهة، والضغوط الاقتصادية والدبلوماسية من جهة أخرى.
فالزخم الدولي ضد التصعيد، والتداعيات الاقتصادية المحتملة، لا يبدو أنها توقف إسرائيل عن خططها العسكرية، لكنها تطرح تساؤلات حول أي أساس يمكن أن تقوم عليه أي مفاوضات مستقبلية مع حماس.
حماس و"نافذة التفاوض".. شروط أشد صرامة
أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن حركة حماس لا تستبعد العودة إلى طاولة المفاوضات، لكنها تخطط لعرض شروط أكثر صرامة مما كان معتاداً في الجولات السابقة.
في الوقت نفسه، أوضحت مصادر فلسطينية استعداد الحركة لبحث وقف الحرب، لكن بطريقة مختلفة عن السابق.
الولايات المتحدة، من جانبها، نقلت رسائل إلى قطر تفيد بأن إسرائيل ترغب في التوصل إلى اتفاق، فيما شددت المصادر الأمنية الإسرائيلية على ضرورة الحفاظ على مسار تفاوضي حتى في خضم التصعيد العسكري، الأمر الذي يعكس تعقيدات المشهد على الأرض.
"عربات جدعون 2".. المخاطر والتحديات
في إطار العملية العسكرية البرية، أعلنت إسرائيل عن تعميق مناوراتها في مدينة غزة ضمن ما يسمى بـ "عربات جدعون 2". مع ذلك، حذرت صحيفة معاريف من أن إقامة نظام حكم عسكري دائم في غزة قد تتحول إلى مغامرة باهظة الثمن ومدمرة على المدى الطويل على المستويين السياسي والاقتصادي.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع إن إقامة إدارة حكم عسكري تتطلب تأمين الغذاء والصحة والتعليم والأمن، ما يعني أن مستقبل إسرائيل الاقتصادي سيكون رهيناً لعقود.
من جهة أخرى، أكد الجيش أنه لن يتراجع حتى تحقيق أهداف الحرب، بما يشمل إعادة المختطفين والقضاء على الحركات المسلحة داخل القطاع.
التحديات العسكرية.. نحو مواجهة معقدة
تقدر الأجهزة الأمنية أن هناك حوالي 5 آلاف مقاتل محصنين داخل مدينة غزة، نصفهم ينتمون إلى لواء مدينة غزة ومدربون تدريباً عالياً.
كما وضع جهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي قائد لواء غزة عز الدين الحداد على رأس قائمة المطلوبين.
تصريحات نتنياهو المتكررة توحي بالقوة، لكنها ربما تخفي القلق من "الغرق في رمال غزة المتحركة"، خصوصاً في حال لجأت حماس لاستخدام الأسرى كدروع بشرية، وهو ما جعل رئيس الحكومة يجدد تحذيره بعدم المساس بالرهائن، مع استمرار جهود الجيش لإخلاء السكان وفصلهم عن العناصر المسلحة.
الأبعاد الدبلوماسية.. المخطوفون أولوية إسرائيلية
قال مندي صفدي، رئيس مركز صفدي للدبلوماسية وعضو مركزي في حزب الليكود، في حديثه لـ"التاسعة": "إسرائيل ليس هدفها الحرب، بل تحرير المخطوفين".
وأكد أن النافذة الدبلوماسية تُستغل لممارسة ضغوط على قيادة حماس للإفراج عن الرهائن، سواء عبر العمليات العسكرية أو التفاوضات المباشرة.
صفدي أشار إلى أن حماس لطالما وجدت ذروعا لتهرب من الاتفاقات، وأن إطلاق "عربات جدعون 2" جاء نتيجة مراوغة الحركة المستمرة، وليس بسبب رفض إسرائيل للتفاوض.
إسرائيل وحكومة سموتريتش.. قوة أو رأي محدود؟
شدد صفدي على أن وزير المالية ليس هو من يقرر سياسات الحكومة، قائلا: "سموتريتش هو وزير واحد من 30 وزيرا. من يدير الدولة هي الحكومة كاملة، وليس آراء شخص واحد".
وأكد أن الحكومة تعمل وفق استراتيجيات واضحة لتحرير المخطوفين وإنهاء الأزمة الإنسانية، رغم وجود تضارب في التصريحات الفردية للوزراء.
المسؤولية والمخاطر.. غزة في عين العاصفة
أكد صفدي أن حماس تتحمل مسؤولية ما يحدث في غزة، وأن تصرفاتها تؤثر على السكان بشكل مباشر.
واعتبر أن أي تصعيد جديد قد يؤدي إلى رد أقوى بكثير من رد السابع من أكتوبر، مع استمرار إسرائيل في جهودها لإعادة المخطوفين وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
وأشار إلى أن الدول التي تدافع عن حماس اليوم تتحمل جزءًا من التوتر، وأن تأثير الأزمة يمتد على جيران إسرائيل أكثر من تأثيره على الدولة نفسها، مستشهداً بما يحدث في اليمن وما يقوم به الحوثيون، الذي يضر بالدول بأضعاف كبيرة.
تحذيرات ختامية.. "لا فشل لعربات جدعون"
ختم صفدي حديثه بالقول إن "مركبات جدعون لن تفشل"، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي مستعد لأي تصعيد محتمل، وأن أي مغامرة من حماس ستواجه ردًا أقوى بكثير، مع استمرار إسرائيل في استراتيجيتها العسكرية والدبلوماسية لتأمين الرهائن وضمان استقرار المنطقة.
في خضم معركة غزة المستمرة، يبدو أن إسرائيل تواجه تحدياً مزدوجاً: تحقيق أهدافها العسكرية وتحرير المخطوفين، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي الداخلي والخارجي.
"عربات جدعون 2" تمثل المحور المركزي لهذه الاستراتيجية، التي تقف على حافة القوة والفشل المحتمل، في حين تبقى حماس عاملا مفصليا في تحديد مسار الأحداث.
ومع تصاعد الضغط الإقليمي والدولي، تبقى النتيجة غير محسومة، لكن المؤكد أن كل خطوة تُتخذ الآن ستحدد شكل المنطقة لسنوات قادمة، وأن حسابات القوة والدبلوماسية ستظل هي المحدد الرئيس لمسار النزاع ومستقبل غزة.
إقرأ المزيد