استهداف اتحاد الشغل في تونس
الخليج الجديد -

استهداف اتحاد الشغل في تونس

استهداف اتحاد الشغل كان متوقعاً، فقد سبقته موجة من ملاحقة نقابيين، والأكيد أن موجة أخرى ستليها قريباً.

مسلسل استهدافات مُبرمجة شملت المؤسسات ثم شخصيات المعارضة فالأحزاب. وجاء اليوم الدور على الاتحاد العام التونسي للشغل!

على اتحاد الشغل أن يقرّر موقعه ويحدد معركته بشكل حاسم، فقد استمر تردده مدة طويلة وهو يستقرئ الأحداث وطبيعة الصراع السياسي في البلاد.

بعدما نظّم أنصار "الحزب الدستوري الحرّ" بقيادة عبير موسي احتجاجاً أمام نقابة الصحافيين بالعاصمة، توجهوا غير بعيد إلى "اتحاد الشغل"، في حركة فاجأت كثيرين.

لم يعد من حقّ التونسيين المطالبة بحقوق نقابية، لأن ذلك تعطيل للإنتاج وهو طبعاً ضدّ الخط الوطني ومعركة التحرير والتعويل على الذات الذي يدعو إليه قيس سعيّد.

* * *

حصل ما كان ينتظره الجميع في تونس وحذّر منه كثيرون وتوقعوا حدوثه في كرونولوجيا (تسلسل) الاستهدافات المُبرمجة، التي شملت المؤسسات ثم شخصيات المعارضة فالأحزاب. وجاء اليوم الدور على الاتحاد العام التونسي للشغل.

وأول من أمس السبت، وبعدما نظّم أنصار "الحزب الدستوري الحرّ" الذي تقوده عبير موسي احتجاجاً أمام نقابة الصحافيين التونسيين في العاصمة، توجهوا إلى مقر "اتحاد الشغل"، غير بعيد عن مقر النقابة، في حركة فاجأت الكثيرين.

ودان اتحاد الشغل هذا الاعتداء، وندّد في بيان بالشعارات التي رفعتها عصابة "الحزب الدستوري الحر" ضدّ المنظمة وقيادتها.

وتزامن اعتداء "الدستوري الحرّ"، بالصدفة ربما، مع تلميحات صدرت عن الرئيس قيس سعيّد قبل يوم، حيث قال بيان للرئاسة إنه شدّد في اجتماع "على ضرورة حياد الإدارة وعدم توظيفها لخدمة أي جهة مهما كانت طبيعتها"، وهو ما اعتبره كثيرون رسالة غير مباشرة للاتحاد.

والحقيقة أن هذا الاستهداف كان متوقعاً، فقد سبقته موجة من ملاحقة نقابيين، والأكيد أن أخرى ستليها قريباً، فلم يعد اليوم من حقّ التونسيين الاعتراض أو المطالبة بحقوق نقابية، لأن ذلك تعطيل للإنتاج وهو طبعاً ضدّ الخط الوطني ومعركة التحرير والتعويل على الذات الذي يدعو إليه سعيّد.

لن تقبل السلطة مطلقاً أن تكون أي جهة معارضة، اجتماعياً أو سياسياً أو اقتصادياً، أو حتى ثقافياً، وهي تريد أن تكون في طريق مفتوح يمكّنها من صياغة وتنفيذ أي مشروع دون أدنى معارضة!

وقد هددت الاتحاد بوضوح بالتعامل مع نقابات أخرى، وعدم تنفيذ اتفاقات سابقة، ولاحقت النقابيين. وأعلن سعيّد بوضوح أيضاً رفضه مبادرة الحوار التي أطلقها اتحاد الشغل.

والأكيد أن على اتحاد الشغل أن يقرّر اليوم موقعه، وأن يحدد معركته بشكل حاسم، فقد استمر تردده مدة طويلة وهو يستقرئ الأحداث وطبيعة الصراع السياسي في البلاد.

وبما أن المشهد أصبح واضحاً في تونس، فربما يكون الخط الثالث الذي كان يبحث عنه الاتحاد غير متاح حالياً، لأن غالبية المشهد الحزبي حسمت أمرها بخصوص الصراع، ونجح سعيّد في تجميعها ضده على مستوى الموقف.

وربما لن يكون الوقت في صالح اتحاد الشغل، الذي سيبقى رغم كل شيء عصياً على محاولة هدمه، وقد بقي على قيد الحياة رقماً مهماً رغم كل المكائد التي حيكت ضده على امتداد عشرات السنين، ورغم أخطاء قياداته أيضاً في بعض هذه المراحل.

أما شماتة البعض في اتحاد الشغل اليوم، فتوضع طبعاً في باب التقديرات السياسية الخاطئة وتصفية الحسابات العاطفية التي لن تقود إلا إلى الخراب العام.

*وليد التليلي كاتب صحفي تونسي



إقرأ المزيد